إحياء علوم الدين أحد أهم مؤلفات الغزالي، ويضم الكتاب بأجزائه مباحث في أمور الدين حيث يتناول فيه الغزالي أحكام الإسلام وعقائده وأخلاقه بأسلوب الواعظ الفاهم المدرك لأحوال النفوس وخفاياها، ولأمراض القلب الروحية، مما جعل هذا الكتاب متميزاً على ما سواه بقوة تأثيره على قارئه تأثيراً روحياً يجعله يطلب من وراء العبادة صلاح قلبه ورضوان ربه، لا مجرد أداء العبادات شكلياً بحيث تعتبر صحيحة في موازين الفقه العادي. ويعد الكتاب موسوعة شاملة لكل ما يهم الفرد المسلم في أمور دينه سواء من حيث العقيدة والعبادة والمعاملة والأخلاق، ويشمل مصالح الفرد والجماعة. وأسلوبه أسلوب العامل بعلمه، الهادف إلى الارتقاء بقارئه من صورة التعليم العادية الجافة إلى مستوى العلم السلوكي الذي يدفع إلى العمل والتطبيق لا مجرد العلم فقط. وبالعودة لمضمون هذا الكتاب نجد أن الإمام الغزالي قد بنى كتابه على أربعة أرباع:
الربع الأول العبادات يحتوى على:__
وذكر فيه من خفايا آداب العبادات، ودقائق سننها، وأسرار معانيها، وجعل الطريق إليها والعمل بها في تفاصيل لم تذكر في كتب الفقه ويحتاج إليها للعمل بها. ويشتمل على عشرة كتب:
1. العلم.
2. قواعد العقائد.
3. أسرار الطهارة.
4. أسرار الصلاة.
5. أسرار الزكاة.
6. أسرار الصيام.
7. أسرار الحج.
8. تلاوة القرآن.
9. الأذكار والدعوات.
10. ترتيب الأوراد في الأوقات.
الربع الثانى يحتوى على:__
وذكر فيه أسرار المعاملات الجارية بين الخلق ودقائق سننها، وخفايا الورع في مجاريها وهي مما لا يستغني المسلم عنها في معاملاته مع الخلق. وقد قسمه إلى عشرة كتب:
1. آداب الأكل.
2. آداب النكاح.
3. آداب الكسب.
4. الحلال والحرام.
5. آداب الصحبة.
6. العزلة.
7. آداب السفر.
8. آداب السماع والوجد.
9. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
10. أخلاق النبوة.
الربع الثالث المهلكات:__
وذكر فيه كل خلق مذموم ورد ذكره في القرآن وحذر منه النبي محمد، وذكر في كل واحد من هذه الأخلاق حده وحقيقته، ثم سببه الذي يتولد منه، ثم الآفات التي عليها يترتب، وتلك العلامات التي بها يعرف ثم يعرج على طرق المعالجة التي منها يتخلص كل ذلك مقروناً بشواهد من الآيات والأخبار والآثار. ويشتمل على عشرة كتب:
1. شرح عجائب القلب.
2. رياضة النفس.
3. آفة الشهوتين البطن والفرج.
4. آفة اللسان.
5. آفة الغضب والحقد والحسد.
6. ذم الدنيا.
7. ذم المال والبخل.
8. ذم الجان والرياء.
9. الكبر والعجب.
10. الغرور.
الربع الرابع المنجيات:__
وذكر فيه كل خلق محمود، وخصلة مرغوب فيها من خصال المقربين والصديقين التي يتقرب بها العبد من رب العالمين، ويذكر في كل خصلة حقيقتها وحدها وسببها الذي بها تجتلب، وثمرتها التي منها تستفاد، وعلامتها التي بها تعرف، وفضيلتها التي لأجلها فيها ترغب وما ورد فيها من شواهد الشرع والعقل. ويشتمل على عشرة كتب:
1. التوبة.
2. الصبر والشكر.
3. الخوف والرجاء.
4. الفقر والزهد.
5. التوحيد والتوكل.
6. المحبة والشوق والرضا.
7. النية والصدق والإخلاص.
8. المراقبة والمحاسبة.
9. التفكير.
10. ذكر الموت.
____________________________________________
قصيدة في مدح إحياء علوم الدين1
أخي انتبه والزم سلوك الطرائق وسارع إلى المولى بجدَ وسابق
أيا طالباً شرح الكتاب وسنّة وقانون قلب القلب بحر الرقائقِ
وإيضاح منهج للحقيقة مشرق وشرب حميا صفو راح الحقائقِ
وإجلاء أذكار المعاني ضواحكاً بباهج حسن جاذب للخلائقِ
عليك بإحياء العلوم ولبّها وأسرارها كم قد حوى من دقائقِ 1
وكم من لطيفات لذي اللبِّ منهل وكم من مليحات سَبَتْ لبَّ حاذقِ
كتابٌ جليلٌ لم يصنف قبله ولا بعده مثل له في الطرائقِ
فكم من بديع اللفظ يجلي عرائساً وكم من شموس في حماه شوارقِ
معانيه أضحت كالبدور سواطعاً على درَ لفظ للمعاني مطابقِ
وكم من عزيزات زهت في قبابها محجبة من غير كفء مسابقِ
وكم من لطيف مع بديع وتحفة حلاوتها كالشهد تحلو لذائقِ
بساتين عرفان وروض لطائف وجنة أنواع العلوم الفوائقِ
رعى الله صباراً تعافى جنانها يروح ويغدو بين تلك الحقائقِ
ويقطف من ذاكي جناها فواكهاً بساحل بحر بالجواهر دافقِ
خضمَ طميَ قد علا فوق من علا بشامخ مجد مشرق بالحقائقِ
فإن لم بهذا القول تؤمن فَجَرِّبَنْ وأقبل على تلك المعاني وعانقِ
وراجع طريقاً في بديع جمالها وطف في حماها منشداً كل سابقِ
ترى في بدور الحي أقمار قد بدت بعالي جمال مدهش لب عاشقِ
فكم أنهلت صبّاً وكم قشعت عمًى وكم قد سعت في غربها والمشارقِ
فيضحي براح الحب سكران مغرماً أصم عن العذال غير موافقِ
ويمسي يناديها طريحاً ببابها منعم عيش في الربوع الغوادقِ
صلاة على سر الوجود شفيعنا محمد المختار خير الخلائقِ
وأصحابه أهل المكارم والعلا وعترته ورّاث علم الحقائقِ
____________________________________________________________
1